حصاد 2020.. «داعش» حاول استغلال جائحة كورونا للعودة من جديد
خلال العام الحالي 2020، وعقب الهزيمة الكبيرة التي تلقاها «داعش» بمقتل أميره «أبوبكر البغدادي» في أكتوبر 2019، استغل التنظيم الإرهابي ظهور جائحة كورونا في محاولة للعودة من جديد؛ مستغلا تفشي الوباء العالمي بإعادة تشكيل هيكله، مستخدمًا حواضن جديدة ومناطق جبلية للوجود هناك، إضافة إلى تكثيف حضوره الإعلامي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال مكتبته الإعلامية الثرية بالمواد الإرهابية لإرهاب خصومه وتحريض عناصره على الاستمرار في القتال وتنفيذ المزيد من العمليات الإرهابية.
الشكل الحالي للتنظيم
كشفت الاستخبارات الأمريكية والعراقية، أن التنظيم الإرهابي بقيادة المدعو «أبو إبراهيم الهاشمي القرشي» أعاد تشكيل هيئته، بعد مقتل «البغدادي» وأغلب قيادته على يد قوات التحالف، وأصبح يتكون من 14 ولاية و5 دواوين –وزارات- وإدارة واحدة مسؤولة عن إدارة الولايات خارج سوريا والعراق، كما ألغى التنظيم الإدارات المسؤولة عن الحسبة والكهرباء بعد خسارته جميع الأراضي، إضافة إلى وجود لجنتين علويتين هما؛ «الشورى» التي من مهامها رسم السياسات واختيار مديري الولايات، والثانية «اللجنة المفوضة» وهي أعلى لجنة تنفيذية في التنظيم.
ويستهدف التنظيم الإرهابي مناطق أرياف أحزمة المدن الحضرية والقرى الكبيرة، التي يوجد فيها الحشد العشائري والمناطقي والمختارون الذين تعاونوا مع الحكومة في بغداد على طرد تنظيم داعش 2014- 2017، حيث أعلن التنظيم عن «غزوة الثأر لولاية الشام» بعد هزيمته في معارك شرق الفرات السورية أبريل 2019 ومن ثم غزوة أخرى «غزوة الثائرين لمقتل الشيخين» بعد مقتل «البغدادي» والمهاجر، فكانت تلك المناطق وهي هشة جدًا وتعاني من عدم انسجام بين الحشد العشائري المناطقي وقوات الحشد الشعبي القادمة من خارج مناطقهم، بما يجعل من ترحيب الأهالي الذين يتعرضون لمشاكل كبيرة مع تلك القوات مُرجحًا.
انسحاب قوات التحالف
تزايدت المخاوف من عودة التنظيم مرة أخرى وتكرار سيناريو 2014، خاصة مع إعلان قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش بقيادة الولايات المتحدة، سحب أغلب قواتها من العراق وسوريا، بعد تفشي فيروس كورونا، وزيادة هجمات الميليشيات الموالية لإيران على قواعد التحالف.
وسلمت قوات التحالف في مارس الماضي، 8 قواعد عسكرية للقوات العراقية آخرها قاعدة التاجي، كما أعلنت الولايات المتحدة خفض قواتها في بغداد من 5000 إلى 3000 فقط.
ويؤكد مراقبون أنه بالرغم من انسحاب بعض قوات التحالف وإنهاء مهمتها، إضافة للظروف التي فرضتها جائحة كورونا، فالتنظيم ليس لديه القدرة على العودة كما كان في 2014، بسبب الجهود العالمية المفروضة لمكافحة نشاطه على شبكة الإنترنت، وبالتالي تقليل قدرته على التجنيد، وأن القوات العراقية البرية قادرة على السيطرة على الأرض ومحاربة التنظيم، لكن لا تستطيع تحقيق ذلك من دون الدعم اللوجستي والاستخباراتي والجوي.
استغلال كورونا
في الربع الأول من عام 2020، استفاد التنظيم الإرهابي من انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد، وبدأ في استغلال انتشار الحالات المصابة في سوريا والعراق ليمارس أساليبه الإرهابية بزيادة العمليات والهجمات الإرهابية، إذ قدّم تقرير لمجلس الأمن الدولي في يوليو 2020، أكد أن التنظيم الإرهابي استغل الثغرات الأمنية التي تسبب بها الوباء في سوريا والعراق، وأظهر ثقة في قدرته وبطريقة وقحة على العمل بشكل متزايد في منطقته الأساسية السابقة، مستهدفًا بشكل مباشر المواقع العسكرية العراقية والأمريكية.
وأكد التقرير أن عدد هجمات التنظيم الإرهابي زاد بشكل كبير في أوائل 2020 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019، حيث أكد فريق المراقبة التابع للأمم المتحدة أن «داعش» استغل الثغرات الأمنية الناجمة عن الوباء والاضطرابات السياسية في العراق لإعادة إطلاق تمرد في الريف، وكذلك عمليات متفرقة في بغداد ومدن كبيرة أخرى، مشيرًا إلى أن قيود السفر التي حدت من تنقل الإرهابيين وقدرتهم على التواصل وتمويل الأنشطة الإرهابية، أعطى للتنظيم وصف لدى عناصره بـ«جمهور أسير».
وفي غير دول الشرق الأوسط، استفاد تنظيم داعش من انتشار الوباء، ففي غرب أفريقيا التي تضم نيجيريا والنيجر والكاميرون وبوركينا فاسو، تصاعدت الهجمات بمجرد أن بدأت حالات في الازدياد، إضافة إلى طلب التنظيم، خلال مجلة دعائية تحمل اسم «صوت الهند»، من متابعيه نشرفيروس كورونا بين غير المسلمين, محاولًا بذلك الاستفادة من الوباء قدر الإمكان من أجل اكتساب المزيد من السلطة.
حضور إعلامي
حاول التنظيم الإرهابي خلال 2020، زيادة حضوره الإعلامي عبر منصات التواصل الاجتماعي ، إذ كشف مركز الاعلام الرقمي DMC، عن ازدياد أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصارهم على منصات التواصل الاجتماعي وخاصة «فيس بوك» مستغلين أزمة جائحة كورونا.
وفي فبراير الماضي، لوحظ أن هناك تحولًا نوعيًّا وكيفيًّا كبيرًا في الخطاب الإعلامي لدى مؤسسة الفرقان ووكالة أعماق وصحيفة النبأ الأسبوعية بعد غياب نسبي لما يقرب من 4 شهور، وعادت شبكات الإعلام لتنظيم داعش للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي الأكثر شيوعًا والأقل أمنًا.
وبات الخطاب الداعشي في تلك الفترة خطابًا إعلاميًّا مكررًا كما في سنوات ظهوره الأولى، حيث يسعى إلى إرهاب المقاومين من العرب والكرد وإلحاق أكبر الأضرار النفسية بهم وبعوائلهم.
وبتنسيق التحالف الدولي مع شركات عالمية مثل جوجل ويوتيوب وتويتر وفيس بوك، يلاحق مواقع التنظيم فتجد اختفاء مقاطع فيديو بعد بثها، حيث أنه لا توجد مواقع الكترونية ثابتة للمؤسسات الإعلامية التابعة لـ«داعش».
حواضن جديدة
في السياق نفسه أشار تقرير لمجموعة «صوفان جروب» الاستخباراتية إلى أن «داعش» يحاول كسب تعاطف سُنَّة العراق وسوريا، والبحث عن حواضن مجتمعية جديدة، وذلك من خلال التحرك باتجاه العوائل التي كانت تؤيد حكم داعش للمحافظات الخمس التي سيطر عليها التنظيم بعد يونيو 2014، والتي تم إبعاد أفرادها من مناطق سكناها إلى مخيمات ومدن أخرى، مستغلًا ظروف وبيئة التوترات الطائفية والعرقية التي يشهدها ويعيشها العراق والأزمات السياسية والاقتصادية الشائكة.
للمزيد: الإرهاب الداعشي في أوروبا يثير مخاوف من حملة ممنهجة للتنظيم





